منتديات صدى تلعفر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات جميع التركمان والعراقيين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مدرس الدين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جاسم شلال

جاسم شلال


عدد الرسائل : 47
تاريخ التسجيل : 25/11/2011

مدرس الدين Empty
مُساهمةموضوع: مدرس الدين   مدرس الدين I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 26, 2011 9:01 am

مدرّس الدين
كنت طالباً في الصف الخامس الإعدادي في إعدادية المستقبل في مدينة الموصل تميزت هذه الإعدادية على مدى تاريخها الطويل بالتميز في كل شيء في أستاذتها وطلابها كذلك ، كنا نحب مدرّس الدين الأستاذ عبدالرحمن إسماعيل ـ رحمه الله ـ الذي كان يدرسنا مادة الدين وكذلك الأستاذ حازم شاكر الذي كان يدرّس الشعب الأخرى ورغم كونه ليس بأستاذ لنا كانت تربطنا معه علاقة حميمة من خلال وقوفه معنا في ساحة المدرسة ، تميز بهذه الصفة فكان لا يدخل إلى غرفة المدرسين في فترة الاستراحة بل يبقى بيننا وكان إرشاده لنا من خلال سرده لحوادث وقعت له في فترة شبابه ومراهقته وبعد ذلك يبين لنا الأخطاء وندمه على هذه الحوادث مرشداً لنا ومبيناً في الوقت نفسه كيف نبتعد عنها وكيف نتجنب الخطأ .
أما الأستاذ عبدالرحمن الذي كان يدرسنا مادة الدين كنا نحبه حبا شديدا فإذا حان موعد درس الدين ترى جميع الطلاب بشوق إلى رؤيته فإذا قال مراقب الصف : قيام فترى قيام الطلاب بسرعة فائقة فيحدث قيامهم جلببة في أرجاء الصف احتراماً له وهم فرحين في هذا القيام معبرين من خلاله عن مدى احترامهم لهذا الأستاذ الفاضل والمربي الكبير الذي شغف قلوب طلابه حباً .
فكان عند دخوله الصف يدخل بوجه تعلوه الابتسامة والفرح فكان أول الأمر يحيينا بتحية الإسلام وبعد أن نرد عليه التحية يقول لنا بصوت حنون : اجلسوا يا أبنائي بارك الله فيكم .
فيقوم بعرض الدرس وبعد إكماله يريد أن يتضح له مدى فهمنا للدرس يأخذ بتوجيه الأسئلة وبيان الرأي والمشاركة فترى المشاركة حاصلة من جميع طلاب الصف ، فإذا دق جرس المدرسة وحان الخروج إلى البيت انتظرنا الأستاذ عبدالرحمن خارجاً كي نسير معه في ذهابنا إلى البيت وشاءت الأقدار أن يكون سكن الأستاذ عبدالرحمن في حينا فانا أمتاز عن بقية الطلاب بالذهاب معه إلى البيت أسير معه إلى أن نصل إلى موقف الباصات الذي يبعد أكثر من 1500م عن مدرستنا وكان في دورة الحمام ، فاصعد معه السيارة أنا وبعض الزملاء من سكنت الحي ، فما أن نصل حينا إلا وهرعنا إلى كتابة وتحضير دروسنا ، وما أن ينادي المنادي إلى صلاة العصر إلا وهرعنا مسرعين إلى جامع ( الحاج عبد الرزاق ) الذي يوجد في حينا ( حي الوحدة ) وذلك لكون الأستاذ عبدالرحمن هو إمام وخطيب الجامع المذكور.
وبعد إن نقضي الصلاة يلتفت ألينا قائلاً : من أكمل درسه اليوم فليبقَ ومن لم يكمل فلينصرف على أن نعيد له المحاضرة في وقت لاحق .
وهكذا توطدت العلاقة بيننا وبينه فأحببنا هذا الأستاذ وبحبه أحببنا هذه المادة التي يُدرّسها وبحبها أحببنا خالقنا ونبينا وديننا .
وفي أحد الأيام ونحن بانتظار الأستاذ عبدالرحمن وإذا بأستاذ آخر يدخل علينا وكان الغضب يعلو وجهه وعيناه محمرتان وقد عقد ما بين حاجبيه وأول دخوله الصف أشار لنا بيده قائلاً بصوت مرتفع : اجلسوا ، فأحسسنا الفرق مابين الأستاذين فأخذ يقرأ ويشرح الدرس .
فقال : من يقرأ لي الدرس .
وكالمعتاد كنت أول من يقرأ وبعد أن باشرت القراءة بآيتين وإذا به يتقدم إليَّ مسرعاً مشيراً لي بيده .
قائلا لي بصوت يعلوه الغضب وكأني ارتكبت جرماً : أُصمت صوتك يزعجني.
فانهالت عليَّ هذا الكلمات ووقعت في نفسي مبلغاً عظيماً وأحسست أن ضربة شديدة وقعت على هامة رأسي ولم أعد أرى أو أسمع أيَّ شيء في هذا الوجود إلا بعد لحظات فأفقت على ضحك زملائي في الصف.
وأراد الأستاذ ( .......) أن يسيطر على الطلاب لكن دون جدوى وأخذ يتناول الطباشير ويضرب به طلاب الصف واحداً واحداً ولكنه لم يستطع إيقافهم .
فهرع مسرعاً إلى مدير المدرسة ـ وكان هذا المدير رجلاً فاضلاً تميز بالأخلاق الحميدة والصبر والأناة وعدم التسرع في اتخاذ القرارات ـ فدخل الصف وكان يسمع الأصوات التي تخرج من صفنا وأحدث ضوضاء في أرجاء المدرسة كلها .
فلما دخل صفنا انتهى كل شيء وأراد أن يستبين الأمر فأخذ الأستاذ (...) يردد كلمات جارحة إلينا .
فقال له مدير المدرسة : أستاذ أرجوك لا تتكلم ـ وأشار إليه بيده أن يصمت ـ ، أبنائي الطلاب ماذا حدث ؟
فلم يتكلم أحد فانتبه إليَّ والدموع تنزل من عينيّ كالمطر، فقال: مابك ؟
فأجهشت في البكاء ، وأخذ زملائي في الصف في الضحك من جديد فقال : مابكم يا أبنائي ؟
فقام إليه أحد التلاميذ فقال : أستاذ اعتاد الأستاذ عبدالرحمن أن يكون زميلنا أول من يقرأ الدرس وإن لم يكن أندانا صوتاً لكونه أكثرنا ضبطاً وحفظاً للقرآن الكريم ، وعندما دخل الأستاذ ( ..... ) اليوم إلى صفنا وكالمعتادة قام زميلنا كي يقرأ الدرس فأنبه الأستاذ وكاد أن يضربه معنفاً إياه قائلاً له بصوت عال : ( اصمت صوتك يزعجني ) .
فقال الأستاذ مدير المدرسة : ياأبنائي اخرجوا واحداً خلف الآخر إلى ساحة المدرسة على أن لا تزعجوا زملائكم في الصفوف الأخرى .
فخرجنا وذهب به إلى غرفة المدير ولا نعلم ماحدث هناك ولعله أرشده وبين له كيف يكون التعامل مع الطلاب ، ولكن الأستاذ (... ) استمر في تصرفاته مع بقية الطلاب فكثرة الغيابات في مادة الدين فانتبه إليها مدير المدرسة من خلال سجل غيابات الدروس اليومي .
فدخل صفنا وأخذ يبين لنا أهمية هذا الدرس وان مثل هذا التصرف سوف يكون سبباً في تدني مستوانا العلمي وأن حضور مثل هذا الدرس هو واجب ديني مفروض علينا شرعاً.
فاجمع طلاب الصف قائلين لمدير المدرسة : إذا دخل الأستاذ (.... ) إلى صفنا سوف نخرج منه جميعا حتى وان رسبنا جميعاً في مادة الدين .
فقال الأستاذ مدير المدرسة : ماذا تريدون ياأبنائي ؟
قلنا له : نريد الأستاذ الجليل والأب الفاضل الأستاذ عبدالرحمن أن يعود إلى تدريسنا .
فلبى لنا مطلبنا وعاد الأستاذ عبدالرحمن لتدريسنا ولكن المدير وقع بمشكلة أخرى وهي أن طلاب الصف الرابع رفضوا نقل الأستاذ عبد الرحمن ولكنه أقنعهم ، أن في ذلك مصلحة عامة لجميع المدرسة ، ونقل الأستاذ ( .... ) لتدريس مادة اللغة العربية في صف آخر .
هذه الحادثة كان لها الأثر الكبير عليَّ إذ لم استطع أن أجهر بعدها بقراءتي ، أمام أحد حتى بعد أن أصبحت معلماً لمادة التربية الإسلامية إذ كنت اقرأ الدرس قراءة دون أن أرتله لطلابي الصغار .
إلا إنه حدث حَدثٌ غير مجرى حياتي في يوم دخلت فيه مسجد قريتنا لصلاة المغرب ، وكان الإمام في ذلك اليوم غير موجود ، وكان معظم المصليين في قريتنا من كبار السن ، فقام إليَّ أحدهم وأخذ بيدي وقدمني للصلاة بهم وكان وعليَّ أن أقرأ بصورة جهرية وأخذت جميع فرائصي ترتجف ولم استطع الثبات ولا أعلم هل الأرض تتحرك أسفلي أم أنا الذي أصابني ما أصابني وكنت أدعو الله أن أستطيع إكمال الصلاة دون أن اسقط على الأرض ، وبعد إكمالها توجه المصلون إليَّ ، وقالوا : بارك الله فيك من الآن أنت إمامنا الثاني وتشجع ولا تتردد فقراءتك جيدة هذا الأمر الذي فرض علي من قبل أبناء قريتي شجعني على مواصلة طلب العلم وخاصة العلم الشرعي ، وماهي إلا سنوات قليلة وبفضل الله حصلت على إجازة حفص في قراءة القرآن الكريم .
فهذا الموقف من أستاذ غير مسؤول في تصرفاته أوقفني عن طلبي للعلم الشرعي لأكثر من عشر سنوات .
وموقف آخر من رجل طاعن في السن لا يجيد القراءة والكتابة كان سبباً في تغيير مسار حياتي جميعها .
فبارك الله في أساتذتنا الذين أخذوا بأيدنا وغرسوا في قلوبنا حب هذا الدين وأرشدونا إلى الطريق القويم ، ورحم الله الأستاذ عبدالرحمن إسماعيل وتغمده برحمته وجعله في أعلى الجنان إنه على ذلك لقدير وبالإجابة جدير وحفظ الله أستاذنا حازم شاكر وأمد في عمره ورزقه العمل الصالح وختم له بالخاتمة الحسنة وغفر الله لوالدينا وشيوخنا وأساتذتنا ومعلمينا في كل مراحل الدراسة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مدرس الدين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صدى تلعفر :: النادي :: مواهب شبابية-
انتقل الى: